مقاهي بنغازي... صحبة وأنا معهم !
لا يحلو السهر والسمر في رمضان هذا العام الذي يأتي مختلفا وبطعم خاص، خاصة بعد غياب طويل عن ارض الوطن، إلا بالجلوس في المقاهي،أو ما يعرف في بنغازي باسم ( القهوة) كناية عن المكان الذي تحتسى فيه فناجين القهوة.وقد اخترنا نحن شلة الفنانين والصحفيين مكانا نجتمع فيه كل ليلة من ليالي رمضان، هو مقهى سوق الحوت (سوق الأسماك) حيث توجد واحدة من أقدم المقاهي في وسط المدينة، نحتسي الشاي الأخضر، والقهوة العربية وقهوة "المكياطه" التي هي عبارة عن قهوة اسبرسو ايطالية يضاف إليها الحليب أو القشدة. كما تقدم النارجيلة أو ما يعرف بـ" الشيشة". نتجمع في هذا المكان المفتوح، نشاهد القنوات الفضائية، لمتابعة أخبار معارك الثوار على جبهات القتال في مصراته والبريقة والجبل الغربي، ضد كتائب الطاغية القذافي. نتناقش في كل شيء بحرية وبدون محرمات، في المسرح وبرامج التلفزيون ،مشاكل الشارع الليبي، ننتقد سياسات المجلس الانتقالي، وساحة التحرير، وهي أشياء افتقدناها لسنوات طويلة.
صحبتي في هذه الأمسيات الرمضانية كوكبة من أهل الفن والصحافة، هم المسرحي علي الفلاح، الحريص على تزويدنا بأخر الأخبار الطازجة من جبهات القتال وأخبار النت والفضائيات، ويضيف إليها تحليلاته ونقده للأوضاع. والمخرج التلفزيوني مفتاح بادي، وسخريته وقفشاته اللاذعة. والكاتب الساخر أحمد التهامي، وملاحظاته الذكية، وضحكته المميزة. والفنانان أسامة بركة ومحمد القلاي، وحضورهما المميز في طرح الأسئلة وفتح باب الحوار والنقاش في قضية معينة. والمبدع أحمد العريبي، وكاميرته الذكية التي ترصد كل التفاصيل. والمؤلف المسرحي خليفة الحوات،الذي لا يحضر بانتظام، لكنه دائما يأتينا بالجديد! والممثل محمد الصادق، وانتقاده وملاحظاته حول اداء الاعلام الليبي، بعد ثورة 17 فبراير.
والصحفي المصري المخضرم براء الخطيب، ومشاريعه الصحفية، وحكاياته المثيرة الشيقة.
وهذا المقهى الذي نرتاده يوميا، يمكن اعتباره مقهى ثقافي، مثل غيره من المقاهي الثقافية المنتشرة في الكثير من البلاد العربية، التي أصبحت بعد تجاربها الرائدة مقاه لنشر الثقافة، تجتمع فيها الفعاليات الثقافية، تداول فيها الأفكار، وتنتقل من النخبة ليمتد تأثيرها على عامة البشر.
وقد نجحت تجربة المقهى الثقافي في ليبيا، وازدهرت في الخمسينيات والستينيات وحتى بدايات السبعينيات، و شكلت المقاهي في بنغازي جزءا كبيرا من التكوين الثقافي و الاجتماعي.وكان لها تأثير كبير على المجتمع الليبي.وكان للمثقفين الليبيين دور مهم في نشر الوعي السياسي بين عموم الشعب، الذي تحقق بفعل اللقاءات، التي تحولت إلى ما يشبه الصالونات الأدبية والفكرية ، وكان لها الأثر الكبير في خلق مناخ ثقافي متميز، إلى أن اندثرت تلك العادة، بزوال روادها، لعدة أسباب منها ، سعى النظام إلى تخريب المقاهي، ووصل الأمر في الثمانينيات، إلى إغلاق بعضها بحجج مختلفة،أو إلى تحويل إدارة المقاهي من الأفراد إلى الدولة ، من اجل التجسس على روادها،لخوفه من خطر تواجد مجموعة من الناس في مكان واحد،وحتى لا يتحول المقهى إلى مركز للمعارضة لسياسته، فعمل بكل جهد ضد ثقافة المقهى بعمومها.
ومن أشهر مقاهي مدينة بنغازي ، التي كانت تضم صفوة ونخبة المجتمع في `ذلك الوقت، مقهى العرودي بميدان البلدية ، الذي كان من أشهر رواده شاعر الوطن أحمد رفيق المهدوي،وكان له كرسي دائم في المكان، وكانت نخبة من الشعراء الشباب - منهم الشاعر الكبير رجب الماجري - يلتفون حوله.
وهو ما كان يشكل صالونا أدبيا ، بمعني أن المجتمعين كانوا يتدارسون فيه الأدب والثقافة .. وبالتالي يساهمون في تطوير ثقافة المدينة.
وهناك مقهى الترهوني ، الذي كان مفضلا للشاعر على الفزاني .ومقهى سوق الحوت، حيث كان الشاعر المرحوم عبد ربه الغناي، يجلس فيه بانتظام. و مقهى العمال بشارع عمرو بن العاص، ومن أشهر رواده الأستاذ طالب الرويعي ، والقاص المرحوم يوسف الدلنسي ، والنقابي المرحوم رجب النيهوم .أما الأديب الراحل خليفة الفاخري ، فكان دائم التردد على المقهى الرياضي في ميدان الشجرة، وعلى مقهى دمشق في شارع عمرو بن العاص.
وكانت هناك مقاه شهيرة أخرى في مدينة بنغازي، مثل مقهى " سي عقيلة" بشارع نبوس بالقرب من المطبعة الحكومية، وحيث كان يجلس مجموعة كبيرة من الصحفيين والأدباء، منهم الأستاذ أبوبكر عمر الهوني، حسن مسعود عثمان، رشاد الهوني ، والأستاذ محمد على الشويهدي ، وبكر عويضه ، وأيضا المرحوم السنوسي الهوني ، والأستاذ أحمد الحريري ، والأستاذ محمد اوريث ، والأستاذ أنيس السنفاز ، والأستاذ عبد الرازق بوخيط.
إلى جانب مقاه أخرى مثل مقهى شمسه ، ومقهى الترهوني ، ومقهى بالتمر . وجميع هذه المقاهي تقع بشارع عمرو بن العاص. هناك أيضا ، مقاه بأقواس الفندق البلدي، مثل مقهى الشامالي، ومقهى هلال، وأمامه، مقهى الطرابلسي ، ثم مقهى الحاج بريك بسينما هايتي، ومقهى المجذوب ، وكذلك مقهى بوبكر بن قبلية بسوق الجريد ، عند مدخل شارع بالة . ومقهى العبود بشارع بن شتوان وهو امتداد قصر حمد ، ومقهى ستالين بشارع الشريف ، هناك أيضا مقاه مثل مقهى نجمي على الكورنيش، ومقهى ميدان الحدادة ، ومقهى تيكة أمام البريد الرئيسي، ومقهى أكرم في شارع عمر المختار، وهناك كان يتردد، الناقد حسين مخلوف،والاديب محمد وريث.
وفي منطقة البركة - مثل مقهى بن غزي - وفي سيدي حسين - مثل مقهى بوزغبية. ومقهى الوحدة العربية في شارع قزير، ومقهى علي العربي بجانب مصرف الوحدة، ومقهى البحارة بشارع فييتورينو، ومقهى التونسي بشارع مصراته.
وفي السنوات العشر الأخيرة، ظهر على السطح، مقهى ( المنتدى الإذاعي) الذي كان يديره بجدارة، سالم الزياني، وهو ملتقى الشعراء والأدباء والفنانين، والإعلاميين.وقد جرت عدة محاولات لا علاقة من رجال النظام ، بحجج مختلفة
إلى جانب مقهى الغزالة في ميدان الشجرة، حيث يلتقي الأدباء والنقاد ومنهم الشاعر والكاتب الحبيب الأمين ، والكاتب الصحفي زياد العيساوي، والكاتب محمد سحيم، والكاتب الصحفي عاطف الأطرش،
أنها دعوة للاهتمام بتاريخ المقاهي في بنغازي وتوثيقها، خدمة لتراث هذه الأمة،لتعود للقيام بدورها الثقافي، المتمثل في هذا التجمع العفوي اليومي،ومع شرب قهوتك اليومية، تقرأ جريدتك الصباحية، ليبدأ يوم جديد على ليبيا الجديدة الحر.
مصادر- محمد عقيلة العمامي/ مدونة بنغازي عبر التاريخ- مراد الهوني
صحبتي في هذه الأمسيات الرمضانية كوكبة من أهل الفن والصحافة، هم المسرحي علي الفلاح، الحريص على تزويدنا بأخر الأخبار الطازجة من جبهات القتال وأخبار النت والفضائيات، ويضيف إليها تحليلاته ونقده للأوضاع. والمخرج التلفزيوني مفتاح بادي، وسخريته وقفشاته اللاذعة. والكاتب الساخر أحمد التهامي، وملاحظاته الذكية، وضحكته المميزة. والفنانان أسامة بركة ومحمد القلاي، وحضورهما المميز في طرح الأسئلة وفتح باب الحوار والنقاش في قضية معينة. والمبدع أحمد العريبي، وكاميرته الذكية التي ترصد كل التفاصيل. والمؤلف المسرحي خليفة الحوات،الذي لا يحضر بانتظام، لكنه دائما يأتينا بالجديد! والممثل محمد الصادق، وانتقاده وملاحظاته حول اداء الاعلام الليبي، بعد ثورة 17 فبراير.
والصحفي المصري المخضرم براء الخطيب، ومشاريعه الصحفية، وحكاياته المثيرة الشيقة.
وهذا المقهى الذي نرتاده يوميا، يمكن اعتباره مقهى ثقافي، مثل غيره من المقاهي الثقافية المنتشرة في الكثير من البلاد العربية، التي أصبحت بعد تجاربها الرائدة مقاه لنشر الثقافة، تجتمع فيها الفعاليات الثقافية، تداول فيها الأفكار، وتنتقل من النخبة ليمتد تأثيرها على عامة البشر.
وقد نجحت تجربة المقهى الثقافي في ليبيا، وازدهرت في الخمسينيات والستينيات وحتى بدايات السبعينيات، و شكلت المقاهي في بنغازي جزءا كبيرا من التكوين الثقافي و الاجتماعي.وكان لها تأثير كبير على المجتمع الليبي.وكان للمثقفين الليبيين دور مهم في نشر الوعي السياسي بين عموم الشعب، الذي تحقق بفعل اللقاءات، التي تحولت إلى ما يشبه الصالونات الأدبية والفكرية ، وكان لها الأثر الكبير في خلق مناخ ثقافي متميز، إلى أن اندثرت تلك العادة، بزوال روادها، لعدة أسباب منها ، سعى النظام إلى تخريب المقاهي، ووصل الأمر في الثمانينيات، إلى إغلاق بعضها بحجج مختلفة،أو إلى تحويل إدارة المقاهي من الأفراد إلى الدولة ، من اجل التجسس على روادها،لخوفه من خطر تواجد مجموعة من الناس في مكان واحد،وحتى لا يتحول المقهى إلى مركز للمعارضة لسياسته، فعمل بكل جهد ضد ثقافة المقهى بعمومها.
ومن أشهر مقاهي مدينة بنغازي ، التي كانت تضم صفوة ونخبة المجتمع في `ذلك الوقت، مقهى العرودي بميدان البلدية ، الذي كان من أشهر رواده شاعر الوطن أحمد رفيق المهدوي،وكان له كرسي دائم في المكان، وكانت نخبة من الشعراء الشباب - منهم الشاعر الكبير رجب الماجري - يلتفون حوله.
وهو ما كان يشكل صالونا أدبيا ، بمعني أن المجتمعين كانوا يتدارسون فيه الأدب والثقافة .. وبالتالي يساهمون في تطوير ثقافة المدينة.
وهناك مقهى الترهوني ، الذي كان مفضلا للشاعر على الفزاني .ومقهى سوق الحوت، حيث كان الشاعر المرحوم عبد ربه الغناي، يجلس فيه بانتظام. و مقهى العمال بشارع عمرو بن العاص، ومن أشهر رواده الأستاذ طالب الرويعي ، والقاص المرحوم يوسف الدلنسي ، والنقابي المرحوم رجب النيهوم .أما الأديب الراحل خليفة الفاخري ، فكان دائم التردد على المقهى الرياضي في ميدان الشجرة، وعلى مقهى دمشق في شارع عمرو بن العاص.
وكانت هناك مقاه شهيرة أخرى في مدينة بنغازي، مثل مقهى " سي عقيلة" بشارع نبوس بالقرب من المطبعة الحكومية، وحيث كان يجلس مجموعة كبيرة من الصحفيين والأدباء، منهم الأستاذ أبوبكر عمر الهوني، حسن مسعود عثمان، رشاد الهوني ، والأستاذ محمد على الشويهدي ، وبكر عويضه ، وأيضا المرحوم السنوسي الهوني ، والأستاذ أحمد الحريري ، والأستاذ محمد اوريث ، والأستاذ أنيس السنفاز ، والأستاذ عبد الرازق بوخيط.
إلى جانب مقاه أخرى مثل مقهى شمسه ، ومقهى الترهوني ، ومقهى بالتمر . وجميع هذه المقاهي تقع بشارع عمرو بن العاص. هناك أيضا ، مقاه بأقواس الفندق البلدي، مثل مقهى الشامالي، ومقهى هلال، وأمامه، مقهى الطرابلسي ، ثم مقهى الحاج بريك بسينما هايتي، ومقهى المجذوب ، وكذلك مقهى بوبكر بن قبلية بسوق الجريد ، عند مدخل شارع بالة . ومقهى العبود بشارع بن شتوان وهو امتداد قصر حمد ، ومقهى ستالين بشارع الشريف ، هناك أيضا مقاه مثل مقهى نجمي على الكورنيش، ومقهى ميدان الحدادة ، ومقهى تيكة أمام البريد الرئيسي، ومقهى أكرم في شارع عمر المختار، وهناك كان يتردد، الناقد حسين مخلوف،والاديب محمد وريث.
وفي منطقة البركة - مثل مقهى بن غزي - وفي سيدي حسين - مثل مقهى بوزغبية. ومقهى الوحدة العربية في شارع قزير، ومقهى علي العربي بجانب مصرف الوحدة، ومقهى البحارة بشارع فييتورينو، ومقهى التونسي بشارع مصراته.
وفي السنوات العشر الأخيرة، ظهر على السطح، مقهى ( المنتدى الإذاعي) الذي كان يديره بجدارة، سالم الزياني، وهو ملتقى الشعراء والأدباء والفنانين، والإعلاميين.وقد جرت عدة محاولات لا علاقة من رجال النظام ، بحجج مختلفة
إلى جانب مقهى الغزالة في ميدان الشجرة، حيث يلتقي الأدباء والنقاد ومنهم الشاعر والكاتب الحبيب الأمين ، والكاتب الصحفي زياد العيساوي، والكاتب محمد سحيم، والكاتب الصحفي عاطف الأطرش،
أنها دعوة للاهتمام بتاريخ المقاهي في بنغازي وتوثيقها، خدمة لتراث هذه الأمة،لتعود للقيام بدورها الثقافي، المتمثل في هذا التجمع العفوي اليومي،ومع شرب قهوتك اليومية، تقرأ جريدتك الصباحية، ليبدأ يوم جديد على ليبيا الجديدة الحر.
مصادر- محمد عقيلة العمامي/ مدونة بنغازي عبر التاريخ- مراد الهوني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق